نساء خالدات
صفية.. عمة الرسول
هي صفية بنت عبدالمطلب، رضي الله عنها، عمة الرسول، صلى الله عليه وسلم، وأخت حمزة بن عبدالمطلب، رضي الله عنه، أمها هالة بنت وهب خالة النبي،
عليه الصلاة والسلام.
شاركت صفية، رضي الله عنها، في غزوة أحد. وذلك بقتال الأعداء بالرمح. وقد جاءت يوم أحد وقد انهزم الناس وبيدها رمح تضرب في وجوه الناس وتقول:
انهزمتم عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ وكان أخوها حمزة بن عبدالمطلب، رضي الله عنه، قد قتل ومثل به.. فلما رآها رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
مقبلة، قال لابنها الزبير: أرجعها لكي لا ترى أخاها. فذهب إليها الزبير بن العوام وقال: يا أماه إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يأمرك أن ترجعي
فقالت صفية بنت عبدالمطلب، رضي الله عنها: ولم؟ لقد بلغني أن أخي مات، وذلك في الله، لأصبرن ولأحتسبن إن شاء الله. فلما جاء الزبير رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، فأخبره بقول أمه صفية، قال النبي، صلى الله عليه وسلم: خل سبيلها، فأتت صفية فنظرت إلى أخيها حمزة، وقد بقرت بطنه، فاسترجعت
واستغفرت له. وكان لصفية، رضي الله عنها، موقف لا مثيل له في تاريخ نساء البشر. فحين خرج الرسول، صلى الله عليه وسلم، لقتال عدوه في معركة الأحزاب
(الخندق). وقام بوضع الصبيان ونساء المسلمين وأزواجه في فارع حصن حسان بن ثابت، قالت صفية: «فمر بنا رجل من يهود، فجعل يطيف بالحصن، وقد حاربت
بنوقريظة، وقطعت ما بينها وبين رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، والمسلمون في غور
عدوهم، لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إن أتانا آت، قالت: فقلت يا حسان، إن هذا اليهودي كما ترى يطيف بالحصن، وإني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا
من وراءنا من يهود، وقد شُغل عنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، فانزل اليه فاقتله. قال: والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا، قالت:
فاحتجزت ثم أخذت عمودا، ثم نزلت من الحصن إليه، فضربته بالعمود حتى قتلته، ثم رجعت إلى الحصن، وقلت: يا حسان، انزل إليه فاسلبه. فإنه لم يمنعني
من سلبه إلا أنه رجل. قال: ما لي بسلبه من حاجة
وقد كان لهذا الفعل المجيد من عمة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أثر عميق في حفظ ذراري المسلمين ونسائهم، ويبدو أن اليهود ظنوا أن هذه الآطام
والحصون في منعة من الجيش الإسلامي، مع أنها كانت خالية عنهم تماما، فلم يجترئوا مرة ثانية على القيام بمثل هذا العمل، لكنهم أخذوا يمدون الغزاة الوثنيين
بالمؤن كدليل عملي على انضمامهم إليهم ضد المسلمين، حتى أخذ المسلمون من مؤنهم عشرين جملا. وبذلك كانت أول امرأة مسلمة تقتل رجلا في سبيل الله
توفيت، رضي الله عنها، في خلافة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، سنة عشرين هجرية، ولها من العمر ثلاث وسبعون سنة، ودفنت في البقيع
..