قصيدة عصماء
جاء رجل الى الإمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه وقال: يا إمام لقد اشتريت دار وارجو ان تكتب لي عقد شراءها بيدك, ونظر الإمام اليه بعين الحكمة فوجد الدنيا قد تربعت على عرش قلبه وملكت عليه أقطار نفسه فكتب قائلا يريد ان يُذِكّر بالدار الباقية, كتب بعدما حمد الله وأثنى عليه
أما بعد:
فقد أشترى ميت من ميت دارا في بلد المذنبين وسكة الغافلين لها اربعة حدود, الحد الأول ينتهي الى الموت والثاني ينتهي الى القبر والثالث ينتهي الى الحساب والرابع ينتهي إما الى الجنة وإما الى النار فبكى الرجل بكاء مرا وعلم ان الإمام اراد ان يكشف الحجب الكثيفة عن قلبه الغافل فقال: يا امير المؤمنين أُشهد الله أني قد تصدقت بداري على أبناء السبيل فقال له الإمام الحكيم هذه القصيدة العصماء:
النفس تبكي على الدنياوقد علمت... ان الســلامة فيها ترك ما فيها
لادار للمرء بعد الموت يسـكنها ...إلا التي كان قبل المـوت يبنيها
فإن بــناها بخـير طاب مسكنه... وإن بنــاها بشـر خاب بانيها
أموالــنا لذوي الميراث نجمعها ...ودورنا لخـراب الدهـر نبنيها
كم من مدائن في الآفاق قد بُنيت ...أمست خرابا وأفنى الموت أهليها
الـمرء يبسـطها والدهر يقبضها... والنفس تنشرها والموت يطويـها
__________________